الثورات العربية محدودة، قصيرة التنظير، تكتفي بالقليل، إذ سرعان ما ينطفئ
لهيبها أو شعلتها، لترجع الأمور كما كانت عليه قبل الثورة، أو ربما أكثر
بكثير
مما كانت عليه.
هذا التشخيص الواقعي الذي قد لايوافقني فيه ربما الكثير
من القراء، لكنه هو الواقع المرّ مع الأسف، فالعرب كلهم لهم ثورات، إذا
استثنيينا طبعا العربية السعودية، وإمارات الخليج -ماعادا البحرين طبعا-التي استقرت وتطورت بفضل
ريع البترول وعوائد الحج والعمرة، واستغلال التكنولوجيا الغربية الأمريكية
خاصة، والعمّالة الأسياوية الرخيصة التي تخدم بدون احتجاج، وتكتفي
بالفتات.
هذه الثورات العربية تقوم لتغيّر الحاكم، وتقتص منه بطريقتها
الخاصة،التي هي الهمجية بطبيعة الحال، - مع بعض الاستثناءات- ثم تعود هذه الثورات إلى السكون من جديد، لتجعل من الحاكم الجديد الأسطورة، ثم
السير به في طريق التمجيد، والتضليل والتعبّد أو التقديس، ليصبح هذا الحاكم ظل الله
في الأرض، كما جرت العادة من قبل
فلا يتنحّى ولا يقبل التداول على الحكم ، إلا بتبديد الأموال
وتخريب الاقتصاد في بلده ، وتجنيد حلف الناتو، والأنظمة الموالية له، التي
تزعم أنها تحرص وتدافع عن حقوق الإنسان الأساسية.
لذا فهم وأدرك قادة
الغرب المتطور ، وعرفوا اللعبة رغم قذارتها ، فاستعدوا لها ، وأثنوا
على هذه الثورات، أو ما يسمى بالتجربة العربية، ليبقى الشرق المتخلّف في
خدمة الغرب المتقدم ، الذي زرع دويلة إسرائيل وسط هذا الشرق الكبير،
وحماها قولا وعملا، واصطفاها على جميع دول المنطقة، بغض النظر عن الولاء
ودرجة التبعية ، لتصبح دولة عظيمة، تقرّر السياسات في الشرق الأوسط لفائدة
الغرب،والعرب قد لايعتبرون، لكن يمولون دائما.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire