mardi 26 février 2013

صدف اللقاء / قصة

 
عيش، تسمّع، عبارة مألوفة عند السلف،هذا واقع الحال في البلاد والمدن التي زارها وقصدها في جولاته السياحية المتعددة، وأسفاره المتنوعة.
كان صريحا جذّابا أنيقا، يملك فصاحة وذكاء وجاها،يقرأ النفوس البشرية الصامتة، بفضل فراسّته وتمكنّه في مجال اختصاصه وخبرته اللامتناهية في مجال العلاقات الإنسانية المتعددة الأوجه والأشكال.
التقى به صدفة في يوم ماطر بارد، وسط غليان وتضارب لأصوات منبعثة صارخة من قاعة مكيّفة، جمعت كلّ أشكال وأصناف من البشر في محيط ضيّق لايتجاوز أربعة جدران، في مساحة محدّودة لاتزيد عن الخمسين مترا مربعا، القاعة تعجّ بروائح منبعثة متعدّدة جمعت كل المتناقضات في فضاء واحد، حتى يخيّل إليك أن الروائح فقدت طبيعتها، ولم تعد متميّزة وكأن حواس الشّم تعطّلت نهائيا ولم تقدر التفريق أو التميّيز بين الروائح الكريهة من الزكيّة.
كان وحّيدا منزو،  في ركن من القاعة يحتسّي فنجانا  من البنّ الممزّوج بحبات الهيل المستورد من بلاد بعيدة، ويمتصّ سيجّارة بزفيّر شديد كأنه يريد إحراقها دفعة واحدة، ثم يتبعها بنفّير كبير، كأنه يريد تنقيّة رئاتيه من دخّان خامل أراد أن يسكنهما ليستقرّ بهما نهائيا كضيف ثقيل   غير مرحّب به،  في سكن ضيّق لايجمع إلا سعة صدر وكرم ضيافة أهله.
إنه رشيد، صاحب الثلاثين ربيعا، الغريب على المدينة وأهلها، الباحث عن الأشياء الكثيرة المتعدّدة، من غير أن يحدّدها في هدف وغاية واحدة.
فهو متردّد طموح، خجول كاتم لمشاعره، ومعاناته النفسيّة والاجتماعية، وضغوط أهله وخلّانه ومجتمعه ككل.
كان رشيد مقيّد الأفكار، يريد أن يتحرّر ليعبّر، ليعيش، ليقول: لا للمجاملات، ليكون كما خلق أن يكون.
كانت القاعة مملوءة بخلق الله، إلا كرسيّ شاغر، كان يقابل وجه رشيد وكأنه مخصص  لقادم منتظر قدومه ليجلس عليه.
بعد التحيّة والسلام، استأذّن ليجلس على الكرسي الشاغر، ومشاركة رشيد المكان والطاولة، كرفيقين متعارفين، كان بينهما موعد لقاء، تعارفا الاثنان على عجل وكانا، وكأنهما صديقين حمّيمّين، حيث انطلق الحوار والنقاش، وتمّ اكتشاف بعضهما البعض في فترة وجيزة جدا، وكأن النّفوس كانت  مهيأّة أو متآلفة من قبل، ومنذ زمان بعيد.
لم يكن رشيد متحّفظا، ولا خجّولا ولا متردّدا، في طرح معاناته على الضيف الوافد في الحين، الجالس أمامه منذ لحظات، كأنّه اعتاد عليه ، أو بعث إليه ليفكّ قيد أفكاره الحبيسة أدراج ذهنه المغلّق بمفاتيح حديدية، لا يعلّمها إلا هو  وخالقه.
تجرّأ رشيد وكان على عجّل من أمره، ليخبّره بحاله ومرضه غير المألوف، في مجتمع لا يناقش ولا يقبل مناقشة الصغائر، فكيف يقبل بمناقشة الكبّائر، لكنّه تجرّأ وجمع كل قوّاه ليقول له: إن معاناته عميقة وحقيقية، وهو متورّط لأذنيه في زواج غير كفؤ، فقد عذّّب هو، وعذّب غيّره، في صفقة فاشلة على كل الأوجه، إرضاء لأهلّه، وإسكاتا لأناّس لاعمل لهم، إلا القّيل والقال، ومتابعة سيّرة الرّجال، لايهمّ من هم هؤلاء الرجال.

dimanche 24 février 2013

الإصلاح في قطاع التربية الوطنية


 المنظومة التربوية  في حاجة إلى تقيّيم  أوتقويم؟ أم أن الوزير السابق واللاحق، أراد أن يكتشف القطاع عن قرب، إنطلاقا من تقيّيم تشخيصي  لها.
 بالمفهوم التربوي السائد في الميدان، أي أنه  في وضعية المكتشف، قبل أن يصل إلى بناء وضعية تعليمية محددة قائمة على سندات وسياق وتعليمات أو مهمات، سيصدرها لا حقا  ويعمل على إنجازها بطبيعة الحال  لاحقا.
غير أن واقع الحال يبيّن أن العملية الإصلاحية المرتقب إنجازها في الوقت الراهن، تفتقر إلى بعض الآليات و المعطيات الموضوعية، وبعض الوسائل التجهيزية  المعيّنة التي ينبغي  توفيرها في لجان التقييم والمتابعة.
 من بينها أنه ربما  قد لاتكون هناك قناعات لدى الهيئة التي كلّفها المسؤول عن القطاع القيام بهذه المهمة النبيلة، أو أنها غير متمكّنة من  فهم طبيعة الإصلاح الذي طبّق أو اعتمد حتى الآن.
 وهنا قد يكمن الخلل،  فربما تضيع آلاف الأموال التي صرفت في تأليف الكتب والمناهج والسندات المرافقة لها، والإنجازات التي تحقّقت حتى الآن ميدانيا،  بغظ النظر إن كانت  هذه الإنجازات إيجابة أو سلبية.
 المهم أن هناك تغييرات حدثت  في مجال التعلمات واكتساب الكفاءات والمهارات  والمواقف ، على كل المستويات التعليمية، وخاصة في مرحلة التعليم الابتدائي  والتعليم المتوسط.
غير أنه ما يلاحظ عند أغلبية الجزائريين، أنهم  ينتقدون أكثر مما يعملون، ولنا أمثلة واضحة في نموذج  النقد والإنتقاد عند الجزائريين، هو الفريق الوطني لكرة القدم، فكل جزائري، يرى نفسه مؤهلا، من وجهة نظره ، ليكون مدربا، ناقدا،لاعبا للكرة، يتقن أسرارها وخباياها، ويكاد يكون الوضع كذلك، في مجال  التربية و التعليم وبناء المعرفة، واكتسابها في نفوس الأجيال الصاعدة والحالية.
 فجمعية أولياء التلاميذ مثلا، في كثير من الأحيان يترأسها  بقّار أو سمسار أو خضّار، ومع ذلك  يحاول هذا الرئيس، أن يفرض رأيه في توزيع التلاميذ داخل الأقسام، واختيار الأساتذة الذين يدرّسون أبناءه وأحفاده من غير حياء.
  بل  ويتجرأ  أكثر  ليراقب الأساتذة في المؤسسة،  ويراقب التوزيع السنوي للحصص  والمواد،  وطبيعة المواد المدرّسة، واللغة المختارة للتدريس، ومن هم  الأساتذة الذين يصلحون للتعليم من غيرهم.
  إنها مفارقة جزائرية جديدة وغريبة ، وهي من المفارقات التي   ظهرت في السنوات الأخيرة في منظومتنا التربوية.
فماذا يصلح  الوزير إذن؟  سؤال  يبقى قائما،  في انتظار المعطيات والمستجدات  ومشاريع التقّييم المنتظر إحداثها قريبا،  إن غدا  لناظره قريب..

  

jeudi 21 février 2013

وتبخر حلمه / خاطرة


كان شابا طموحا، لم يفشل في حياته الدراسية أبدا، تفوّق ونال أعلى المراتب والشهادات الجامعية،تقدم بعدة طلبات للحصول على وظيفة في وطنه، شارك في عدة ملتقيات، وجلسات أنتقائية بهدف التوظيف ، ولم يكتب له النجاح مطلقا، في الوقت الذي شارك في جلسة واحدة وفاز بمنصب عمل  مؤقت في دولة يتهمها  العامة بالكفر، ومع أن اسمه كان محمد، وأنتم تعلمون ذكر هذا الاسم  في دولة لا ئكية  ملحّدة، تدعّي محاربتها للإرهاب  والإرهابيين، بكل قوة، ومع ذلك  وظّف وفاز بعمل عندما كان طالبا بقسم الماستر بإحدى جامعتها بباريس.
عاد  صاحبنا إلى أرض الوطن بعد تخرجه من الجامعة، من أجل إعفاء أمه من العمل في وظيفة إدارية ، التي كلفتها التحرّش بها  كل يوم ، والإهانة يوميا ،من ربّ العمل، وكل ذكور عائلة رب العمل، وكأنها بضاعة  معروضة للمساومة  ولمن يدفع أكثر، في سلطة لاتقيم للمحقور ولا للمظلوم وزنا، بل هي  المشجعة للظلم  والظالمين، وهي المؤسّس والمنفّذ لأدوات الظلم بشتى صوره وأنواعه.
فاز هذه المرة  بمنصب بعد  انتظار  طويل،  وبعدما لم يجد صاحب الشركة من يقوم  بمقامه في مجال اختصاصه في المنطقة التي توجد بها المؤسسة، ليعرض عليه راتبا كانت أمه تتقاضاه في تنظيف بيت صاحب العمل وأهله، دون  تأمينات اجتماعية أو صحيّة، ودون  دفع  منحة النقل أوالتنقل، فكانت الأجرة تدفع لسيارات النقل الجماعي والحافلات العمومية، وما تبقّى  عبارة  عن أجر،  يدفع لصاحب الفاسفود( أكل خفيف)  المتواجد بقرب مؤسسة العمل المتمثل في كرانطيطة، أوبطاطا مقلية، أو محاجب حارين، لينتهي  ويصرف أجر صاحبنا الإطار المتخرج من جامعة باريس عن آخره.
   وهكذا تضطر لتبقى أمّه عاملة  ومنظّفة لرجل لم ينل رفاهيته  وغناه وثروته  بعرق جبينه ، ولم يرثه  من أبائه وأجداده ،بل ناله بتحايل وتخاذل  ورشاومتعددة،  وعدم دفع الضرائب  المستحقة للخزينة العمومية، تحت سلطة  حاكمة متجبّرة ظالمة، أمسكت بيدها كل شيئ، ولم تترك للشعب وأبناء الشعب شيئا واحدا ، سوى مهمة التجنيد وأداء الخدمة الوطنية بالعدل والتساوي  بين كل أبناء الزواليا.

vendredi 15 février 2013

قالوا وقلنا حوار بين هو وهي


قالوا: المرأة متعة
قلنا: نعم  ، لكن متعة متنوعة، متغيرة
قالوا: المرأة نصف الرجل
قلنا: هي كذلك، لكن
قالوا:الحياة من غير المرأة لا تساوي شيئا
قلنا: المرأة هي الحياة نفسها
قالوا: المرأة لطيفة، مكيدة
قلنا: بعض الرجال أضعف منها، وأشطر منها في دس المكائد
قالوا: المرأة، مكانتها البيت والإنجاب
قلنا:صحيح، لكن لا تطلبوا لنسائكم العلاج من طبيبة
قالوا:المرأة خلقت لطاعة الزوج
قلنا: الطاعة، جزء من سنن الحياة الزوجية، لكن ليست  المرأة وحدها من يلتزم بها
قالوا: المرأة تبقى قاصرا
قلنا: هي كذلك عند أهل العقول  القاصرة
قالوا: المرأة شيطان في صورة بشر
قلنا: ستبقى كذلك،  إذا ظلت رهينة عند أهل العقول المتحجرة
قالوا: المرأة لا تساوي الرجل مطلقا
قلنا: نعم،  لكن هي شطره الثاني، تكمّله، وتحميه،  وتحرص على توازنه واستقراره

mardi 5 février 2013

تلك أيام خلت

كان ضابطا ثم  مديرا ثم مستشارا  ثم  وزيرا، ثم لا شيئ
إلتقيت به في مناسبة خاصة جدا، بعدما حيّاني وبادلته التحية،حيث تعارفنا عن قرب،فعرّفته بنفسي أولا، ثم عرفني هو  عن مساره المهني  وتدرّجه في مناصب المسؤولية، وفي دواليب الحكم والسلطة
كان ساخطا كافرا بالوضع السائد في الجزائر، يظن نفسه  أنه من غيره هو ، سوف تتوقف الحياة والنظام
اهتمامي به  وتقديري له، جعله يقترب مني أكثر ويظن في نفسه هو،  أنّني صديق  جديد  له، قد اكتشفه حديثا
أما أنا، فلا أخفي عليكم ، فقد ظننت به بعض السوء، وإن  بعض الظن لإثم
انتهت المناسبة التي جمعت بيننا من غير ميعاد، فهمّ كل واحد منا  بالإنصراف إلى حيث أتى، إلّا  هو،  فقد  آثر البقاء لبعض الوقت، طالبا مني التريث  لبعض الشيئ ، وكأنه يريد أن  يطلب شيئا 
كان الحال مساء، والحركة نشيطة،  وأبواق السيارات  تدوي في فضاءات متزدحمة وملوّثة، تناشد السلامة المرورية، وتطالب بإحقاق العدل، وإيقاف الفوضى المقصودة، من سواق متهوّرين أنانيين، لا يريدون إلا  الوصول إلا،  إلى أهدافهم، فلا تهمّهم  الوسيلة  ولا الطريقة أبدا
انتظرته حتى اقترب مني، ثم قال لي: ألا تأتي معي في سيارتي الخاصة الأنيقة، ذات السائق المحترف، لأخذك إلى حيث هدفك،؟ وهي فرصة لنتعرف أكثر على بعضنا البعض، فاعتذرت منه بلطف ، وأخبرته أنني لم أعتاد على ركوب السيارات الفخمة، وأخاف أن أعتاد عليها، فتربيتي وثقافتي، علمتني أن الرفاهية  قد لا تدوم، فاقترحت عليه أن يشاركني، ولو لأول مرّة،  ركوب الحافلة العامة، حيث نتشرك أنا وأياه، في الزحام  والدفع  والركل بالأرجل، وفي شمّ الروائح  المختلفة، واستنشاق الهواء الملوث، الذي  اعتادت عليه رئاتي الإثنتين صباح مساء، خصوصا وأنه هو كذلك  ربما مهيأ  لتبوأ المكانة نفسها، هذه المكانة  العامة البسيطة، التي يعيشها عامة الشعب، مادام السلطة قد ضاعت منه،  فالمال الذي اكتنزه  وحده،  قد لايضمن له  الجاه والسلطة.

lundi 4 février 2013

الوسطية في الإسلام


الوسطية محبّبة  ومحبّذة في القرآن الكريم،ومطلوبة عند أهل السنة وجماعة المسلمين، فالإسلام دين عظيم ليس ثمة شك أواختلاف في عظمته، ليس لأنني مسلم فحسب، ولكنه أحق بأن يكون كذلك.
 كلامي هنا موجه لعامة الناس، من مؤمنين عصاة، وغيرالمؤمنين على الإطلاق، وهنا أنا لا أزعم أنني داعية للإسلام، لكنني أريد أن أخبرغيري بما أنعم  به أنا، إيماني وراحتي في إسلامي، وهي نعمة كبيرة، أتمتع بها لا أريد أن أحرم غيري، من غير المسلمين من التمتع بها.
  هذه المتعة تتمثل في الراحة النفسية، بفعل الإيمان الذي سكن قلبي، وجعلي متحصّن من ردات الفعل العنيفة التي  قد تصيب الإنسان في حالات الضعف، كنوبات الدهر وقهر الرجال، وظلم الكفرة والطغاة  في بقع العالم.
وأشعر بالإطمئنان كذلك عند أداء شعائر الإسلام من صلاة وزكاة وصوم  وحج.
حيث أشعر بواحدية الخالق  الأحد الصمد، وقدسيته، وديمومته، فكونوا معي يا أصدقائي،  ولا أقول يا إخواني لأن الأخوّة  صفة نوعية في الإسلام ( إنما المؤمنون إخوة) لكن الأخوّة الآن تمذهّبت وأصبحت في الوقت الراهن سياسة، أو حزبا سياسيا عند البعض، لتفرّق أكثر ممّا تجمع.
فالله أسأل أن ينعم  على الطيبيين، حلاوة الإيمان الإسلامي،  وسماحة  الدين والرسالة المحمدية، التي  وجّهت للعالمين كافة، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.

vendredi 1 février 2013

سهل متيجة


إنتهى سهل متيجة الخصيب، فقد أصبح وكرا  لبناء أسمنتي غير منتظم، وصل في بعض أطرافه إلى درجة الفوضى المصحوبة بنسبة كبيرة من التعفّن والتلوّث، فمجاري مياهه القذرة، تدفّن وتخزّن فيه من غير معالجة، والطرق الممدودة عبره، مهلهلة، وعمرانه، عبارة  عن خراب أو أطلال، أو أثر  بعد عين.
زرت اليوم السهل في  ذهاب  وأياب، مرورا بالمدن التي خططها المستعمر (الكولون) الفرنسي، وهي مدن متوازنة تجمع نماذج معمارية متقنة التخطيط والبناء والهندسة بالنسبة لذلك العصر، وفق منهج  معماري مدروس بعناية فائقة، تبعا للدراسات العالمية المتوفرة أنذاك، لكنها أصبحت اليوم عبارة عن أطلال أو خراب، لم يبق منها إلا أسماء معمريها، وهي محاصرة بفيلات وعمارات حديثة، جعلت منها نكرة بعد معلم شهير.
و السهل -ربما الكثير منا يعلم- أنه  أول منطقة تعميرية استعمارية فرنسية في الجزائر بعد الاحتلال مباشرة، حيث مدّ عبره  الاستعمار، أول شبكة  للنقل بالسكك  الحديدية بعد الاحتلال،  لربط العاصمة الجزائر  بمدينة البليدة.
  في الوقت الذي  لم  يفكّر أو لم يتسن، للوجود العثماني (التركي) حتى مجرّد التفكير في شقّ الطرق المعبدة  عبره ،وتحسين وتيرة النقل والتنقل في الإقليم الخصب  والمتكامل.

النهضة

 النهضة عرفتها اوروبا في العصور الوسطى، وقد ادت إلى تغيير كبير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلى درجة أن العالم خرج من الظلامي...