شيء في صدري
جمعت هداية أمتعتها الخاصة وسافرت إلى حيث مكان قضاء العطلة الشتوية وأعياد رأس السنة، كانت سعيدة بهذا التغيير الجميل في حياتها الذي اعتادت على ممارسة طقوسه باتقان خلال كل عام، لدرجة أن مكان الاستقبال، أصبح يعرفها ويعرف زوجها رمضان ، وكأنه أي المكان أراد أن يساهم في حراستها وأمنها والتبليغ عنها عند الحاجة الملحّة الطارئة التي تخصها أو تتعلق بها سواء من قريب أو بعيد
كان الوصول لعين المكان مبكرا، لتجد في استقبالها أناس طيّبون وفضوليون، كأنهم درّبوا ليكونوا كذلك، إنها الحياة التي يعتاد الإنسان عليها، لتصبح طبيعة ثانية في الشكل والممارسة والمضمون، ارتاحت هداية ورفيقها قليلا في بهو الاستقبال، وكانت تراقب الداخل والخارج وتركّز النظر بشكل حاد في الاتجاهات المختلفة، كرجل أمن يقوم يمعاينة المكان الذي وقعت فيه الحادثة، أو محضّر قضاء يعاين ويشهد على ماجرى في المكان المكلف بمعاينة أحداثه الطارئة، أو كخبير معماري جاء ليراقب ويشهد على التغّيرات التي طرأت أو قد تطرأ على المبنى المراد تقييمه وتثمينه، لقد شرّد ذهن هداية مع الداخل والخارج، إلى درجة أنها نسيت محيطها ومستقبليها في مكان الاستقبال، الذي عجّل العون المكلف بالاستقبال، بأخذ بطاقات التعريف وملء الاستمارات الخاصة بعدد وأيام الضيافة، كانت هداية واقفة ثابته كعمود في شبكة مرمي في ملعب لكرة القدم ، لا يهتزّ ولا يتحرك إلا بفعل الركلات القويّة، لكرات مقذوفة كصواريخ راجمة بأقدام قويّة، متينة مدربّة لممارسة ذلك، لكن هداية لم تصلها أية قذفة منها ، فظلت واجمة جامدة إلى أن أغميي عليها وسقطت أرضا مغشيا عليها، ليسرع الجميع نحوها حاملين معهم كل الوسائل الممكن استعمالها في ظروف كظروفها هذه، فالعطر والمفتاح كانا حاضرين حولها ومعها وفي يدها وأنفها، في انتظار قدوم طبيب الاستعجال بمحطة الضيافة التي قصدتها هداية وزوجها رمضان
بعد لحظات استفاقت هداية لتجد حولها أناس حائرون من أمر حالاتها هذه ،الكل كان يبحث، يستفسر يسنقصي يشرح يتساءل....إلا هداية فقد نهضت ثم استقامت في مكانها، وأشارت بالبنان للجميع رجالا ونساء ، بألا شيئ يستحق الإهتمام والمتابعة، ثم أردفت بصوتها الخافت الحنين.....شيء في صدري
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire