mardi 8 janvier 2013

معذبة في واحة القهر 14

حيرة رمضان
اعتاد رمضان على ظروف معيشّية محدّدة من طرف شريكة حياته هداية، التي حرصت الحرص كله على إراضائه وإسعاده، في كل ما تتطلبه الحياة الزوجية العادية اليومية، من خدمات واعتبار خاص له، ولأولاده من زوجته السابقة، الذين تشتّتوا وتفرّعوا في الأرض، شرقا وغربا ،عبر الوطن وخارجه، فكان رمضان وحيدا كبعير شارد، ينشد الراحة والمتعة في واحة من نخيل ،وأنهار عذبة جارية، في غابة غير منتهية،  وغير موحشة، أنيسه الوحيد في غربته، ووحدته هداية  الخدوم، التي تخصّص له جلّ وقتها بعد العودة من عملها الشارق المرهق له، ولدلاله الزائد عن اللزوم
كانت هداية تداعب وتمزح مع رمضان مساء كل يوم بعد رجوعها من العمل، تقص عليه، وهو يسمع، كطفل صغير ينتظر بشغف نهاية قصّة مؤثرة في خياله، حيث يعلّق عليها  رمضان  إمّا ناصحا، أو موجها، أو مرشدا، أو محذرا
كانت هداية صريحة جريئة معه، في كثير من  الأمور الخاصة جدا، فلا تتأخّر مثلا في إخبار رمضان  بالمحاولات التي تعرّضت لها وهي في الطريق ذاهبة أو عائدة، من لدن  رجال يحاولون دائما ، إغراؤها والفوز بأنوثتها وجمالها، فكان رمضان هو  المطمئن و هو المشجع بالصمود والتصدّي لكل محاولتهم المتكررة
لكن بمرور الوقت، تغيّرت هداية بعض الشيء تجاه رمضان، حيث أظهرت بعض من القلق والإنزعاج والعصبية الزائدة بعض الشيء، في سلوكها وتعاملها مع رمضان، الأمر الذي جعله تنتابه حيرة مقلقة، حاول مرارا أن يجلس ويحاور ويستفسر هداية عن هذا التوتر الطارئ في حياتها الذي لم يكن مألوفا لديها من قبل،  ترى ماذا  وقع لها ؟ ألا يكون حبا أو حبيبا أسر قلبها، واستولى على كيانها برمته؟  لكن رمضان  لم تكن له الشجاعة الكافية، أو ربما لم تكن له الطريقة المثلى لمناقشة هداية في هذه التغيرات المحيرة له  بالكامل
حيث ظل  رمضان حائرا شارد الذهن والموقف، خائفا من مصيره المجهول، ومن وحدانية،  قد تكون قاتلة، ومع ذلك صبر وصمد واقتنع أنه من حقها أن تعيش حياتها الخاصة دون رقيب  ولا حسيب ، كأنه يريد أن يجازيها بحرية هي أهل لها، مع بقاء حبّها وودّها له، الذي كان عطفا، أكثر منه شيء آخر
فهم رمضان الرسالة، وهضم محتواها بشيئ من الذكاء والفطنة والتجربة، وآثر أن تكون هداية بين أيد آمنة، خير من أن تكون فريسة ضائعة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

النهضة

 النهضة عرفتها اوروبا في العصور الوسطى، وقد ادت إلى تغيير كبير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلى درجة أن العالم خرج من الظلامي...