معاناة فيصل
المثل الشعبي يقول: (ثلاثة أشياء غير مقبولة، من يمشي في الطريق وينتظر الحصول أو العثور على المال، والشخص المتجه نحو القبلة وبال، والرجل الذي يعشق المرأة وهي على ذمة الرجال)، هذا المثل الذي يعرفه فيصل ويعي جيدا مغزاه ومحتواه وانعكاساته فى المجتمع، هذا المثل شبه الشائع ورثه فيصل واكتسبه من الثقافة الشعبية المتاصلة فيه، فهو ابن الشعب الذي خرج من وسطه يشعر بمعاناته ويفرح لمسراته، فهو منهم وإليهم ، حتى وإن كان للحب طقوس ومعابد لا يلج إليها إلا المحبين الصادقين في حبهم ، الذين قد يتخلّون عن استعمال العقل و المنطق في عشقهم المتميز، مثلهم مثل الراهب المتعبّد في محرابه ، والقس الذي انذر نفسه وحياته للربّ، فانزوى في معبده تاركا أمامه ملذات الحياة الدنيا،وشهواتها المتنوعة، فمثل هؤلاء لايستحقون أن تعرض عليهم نظريات في المنطق وأهميته، ودور العقل في الاختيار والتفكير فيما يعتقدون ويؤمنون، فقد اختاروا وآمنوا بم اختاروه، عن طواعية وطيب خاطر، وهم سعداء بذلك كل السعادة، ويسعون دائما إلى نشر سعادتهم وفضيلتهم وإيمانهم على غيرهم ممن يحبون من الناس الخيريّين من وجهة نظرهم التعبدية طبعا
فيصل اليوم عاشق متّيم متورط ،غارق في يمّ عميق من الحب ، يبحث عن مخرج إنقاذ، لا يهم وسيلة النجاة، المهم أن ينجو بحبه وحبيبته إلى برّ الأمان، لكن هداية كانت تئنّ وتتعذّب أكثر منه، فقد أضيف هذا الحب إلى تراكم عذابها ومعاناتها، فحبّها القويّ لفيصل الذي أصبحت جزء منه، إن لم تكن هي الحب كلّه
كان الإثنان معا، فوق صفيح ساخن، يمكن أن يطبخ عليه سمك طازج خارج على التو من بحر حبّهما الجارف، كانت اللقاءات بين فيصل وهداية قليلة، والاتصال المباشر بينهما شبه منعدم، لكن الشوق كان كبيرا فياضا حارا، فيصل إنسان محترم متأدب جاد في سلوكاته وتصرفاته ومعاملاته، وقد كان حريصا على صون كرامة عشيقته وسمعتها، فكانت بالنسبة إليه، أشرف من الشرف نفسه، لذلك تداعى لها بالسّهر والدعاء، بأن تكون له كاملة، بعد المعاناة التي عاشها ويعيشها معها، والتي اعتبرها جزء من حبه الذي اختاره قلبه، حبا خالصا،وقد لا يندم عليه أبدا، فالحب ليس اختيار كقميس نلبسه، بقدر ما هو مشاركة هامة وبسرور وسعادة، في متعة المعاناة وتقاسم للمهام والأدوارفي انشراح تام، وسعادة كاملة بين المحبين جميعا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire