عرس هداية
استقرت حياة هداية بين المصاعب والمظالم النفسية والمعنوية المتعدّدة التي ألفتها منذ المعاناة الأولى مع رجل ظالم متجبر، أخذ منها كل شيئ ،ولم يعطيها شيئا من حنان أو عطف أو اعتبار، كمثيلتها من الأخريات التي عرفتهم هي، وعرفوها، هم بدورهم منذ ولادتها وطفولتها، وشبابها وزواجها، الذي كان عرسا جميلا رائعا، مصحوبا بالتهاني والرقصات المتنوعة، وأنغام الزرنة، وضربات الطبل المدويّة، وطلقات البارود من بنادق صيد تزينّت ومسحت بعناية ليلمع بريقها ولونها الذهبي من بعيد أكثر إضاءة، من بارودها المشتعل ليلا من فواهاتها مصحبوا بدخان كثيف متراكم على رؤوس الحاضرين الراقصين، على على أنغام فرقة موسيقية تقليدية، تسمى فرقة الطبّابلة، بقيادة الراقص والطبّال الماهر، الشيخ الحسين الذي كان في عقده السبعين وهو يرقص و يتمايل في ألعاب شبه بلهوانية، تجمع بين الضرب على الطبل والرقص والتمثيل، في مشهد رائع جمع بين ثلاثة فنون في عرض واحد، وقد تجمع حوله المدعوين للعرس، وكثير من الفضوليين الذين انجذبوا عن طواعية وطيب خاطر للتجمع المهرجاني شبه الشعبي في القرية التي تزيّنت للعرس في هندام جميل أنبق، يليق بمقام الحاضرين والمدعوين
لقد كانت الفرجة في القرية، ودامت حتى الخمس الأخير من الليل، حيث صعد المؤذن منبر المسجد ليعلن حلول وقت صلاة الفجر، فقد هلّل وكبّر وقال: حيّ على الصلاة
كانت ليلة عرس رائعة جميلة، فقد فرح جميع المدعوين لعرس هداية، ورقصوا لها كثيرا، وباركوا وتمنوا لها، بدوام السعادة والهناء، والذريّة الصالحة، إلا هداية فقد تفاجأت، لكنها صبرت، وتمعّنت في مفاجأتها بشيء من التعقل والرزانة ، وإظهار قبول الرضا والود ولو إلى حين
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire