كان متميزا، في جلوسه ومشيه، في كلامه وسكوته، في سروره وحزنه، ذكيا غبيا في آن واحد، يحسبه الأريب متسكع شوارع، فيعطف عليه في الغدو والرواح..
هذا الشخص الإنسان، لا تخفى عليه خافية فيم يتعلق بحياة الناس، أفراحهم وأحزانهم، أعراسهم ومآتمهم ، ترقيتهم وتنزيلهم ، خصوماتهم وتصالحهم، على مستوى الحي وبعض الجهات من أطراف المدينة التي يعيش فيها..
إنه المدعو بلعيد ذي البشرة السوداء التي تميل إلى البرونز والعينين ذات الحول الحور المنمقة باللون الأخضر الفاتح التي تسر الناظرين من حوله ووجهه.
صاحب الجسم الغليظ الضخم الماسك دائما لعصى غليظة ملونة للإتكاء والتركيز والهش ضد الكلاب الضالة التي تحوم وتدور حوله طمعا فيما يجود عليها ببعض من فضلاته الزائدة المتبقية من حسنات المحسنين..
بلعيد شخص لطيف متاسمح، لايغضب، وإن غضب فهو كالبركان الخامد الذي انفجر يجر ويدفع ويدمر كل من يحيط به من حرث وزرع ونسل إنه هكذا.
فهو لايجوع ولايشبع أبدا..لايمد يده إلا نادرا ولايتصدق مطلقا..إنه بين الغنى التعففي والفقر المستور.
بلعيد يحب الدنيا حبا جما..وهي لاتبخل عليه مطلقا ..
بلعيد يتفاهم مع كل الناس إلا من شذ عن ذلك وعددهم قليل جدا..وفوق كل ذلك فهو خدوم لكل من يطلبه..
هذا الإنسان الشخص الذي أعرفه منذ عشرين سنة ونيف..حياته وسلوكه الاجتماعي.
دفعني إلى أن أقف لأكتب هذه الخاطرة التي هي عبرة وتجربة لحياة إنسان يعيش سعيدا.. أو هكذا بدت لي حياته. ..البسيطة ..وصدق الشاعر إذ يقول:
ذو العلم يشقى في النعيم بعقله، وأخ الجهالة في الشقاوة ينعم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire