في صيف حار مشتعل وقت الزوال، في مدينة سكنت بها الحركة كلية، كليل أرخى سدوله حيث لا ضجيج ولا إزعاج إلا من بعض المتسكعين في الشارع ، الذين ركنوا تحت شجرة أمام جدار عمارة شامخة وقت الظهيرة وشمسها المحرقة.
في هذا الجو الشديد الحر، أقبلت عشيقتي مسرعة في جلباب واسع يسمح بالتهوية الذاتية، والتجفيف من العرق الذي بلل جسمها الناعم بالكامل.
وصلت عندي بعد صراع كبير بين عقلها وضميرها وقلبها، لتجدني في استقبالها متعجلا رؤيتها، وقد كنت خائفا على ضياع قطعة مني وسط الشوارع وأمام عيون مفترسة في نفوس شريرة جائعة ، قد تأكل كل من يمر بها بشراهة.
جلست أمامي على كرسي جميل في شكل أريكة، ثم تنفست براحة كبيرة ، كأنها إطمأنت لأمن المكان واعتداله حراريا، ونظرت بعينيها الجميلتين المكحلتين بكحل طبيعيي متميز جعل من عيونها حور عين لانظير لهما، وكأنها تريد أن تتأكد أنني أنا الجاسم أمامها.
ابتسمت لها ، بقلبي وشفتي الكبيرتين، حتى سطع ثغري في عينيها ، ثم أمسكت بيدي وجه بدر متلألأ ، ورفعته نحو الأعلى بعدما نزعت خمارها الأبيض، وقلت لها بشموخ وحب فياض، قل نظيره في عالم الإنس:
أنت الجمال الذي حل بين يدي .
فقالت وهي على عجل:
لقاؤنا قصير، وقد يزداد قصرا كلما التقينا ، واقتربنا من بعضنا أكثر.
كان قمري في شمس نهاري ساطعا، إلى أن انطفأ لهيبه، فسكرات جنون الحب ذبلت مؤقتا، واستيقظ الوعي بعدما ساد اللاوعي بيننا، لتخرج من عندي بعدما تجملت من جديد وكنت أنا مرآتها العاكسة، ودليلها في طريق عودتها ، وكأنها رجعت من صلاة عيد فطر أوعيد أضحى، حيث يتغير المسلك ،ليس تعبدا في مسلكها ، وإنما اتقاء للشبهات وشر الواشين من البشر ، وصغار النفوس المريضة المذنبة دائما في المدينة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire