وجدته غاضبا يتكلم مع نفسه والزبد يتطاير من فمه، كأنه بعير، هائج شارد في البرية، يبحث عن أنثاه في فياف غير منتهية الآفاق.
قلت له: ما بك ؟
قال: الناس.
قلت له : أ ظلمت ؟
قال: لا.
فاستغربت أمره.. ثم أعدت طرح السؤال بطريقة أخرى.
وقلت له : الناس فيهم الطيب وفيهم الخبيث، فيهم الصادق الأمين والشهم الكريم، وفيهم الكاذب المنافق ..اللص .
وفيهم ما هم بين ذلك. ،أي لهم من الخبث والدهاء والمكر، ومن النية والصدق وحسن السلوك..
فمن أضر بك ؟ حتى جعلك تغثوا ، كنعجة وسط قطيع تبحث عن خروفها الرضيع بين الأقران في ربيع مرعى لا يتكرر إلا موسما واحدا في السنة ..
قال: لقد وعدني البناء فأخلف بوعده ، والتاجر أخلى بالتزامه معي ولم يسلم لي نقود تجارتي معه، والمحامي الذي أخد أجر الأتعاب ونسي حتى موضوع قضيتي في المحكمة، وزوجتي التي تنازلت لها عن السيارة والبيت والراتب، ونسيت أنني بعلها وأب أبنائها..!
قلت له بتعجب !
الخلل فيك أكثر من غيرك يا هذا.. !
الخلل فيك أكثر من غيرك يا هذا.. !
فثار من جديد، وحاول الشتم والسب، لولا أنني، قلت له : أياك أن تفعل !
عندها سكت مكرها، أما أنا، فتركته وشأنه.
بعدما صنفته ووضعته في خانة من خانات التطور، في مجتمع لا يزال يبحث عن استقرار أخلاقه، بين ماض عريق، وحاضر في مظهره مقلق وعميق ، ومستقبل نتمناه أن يكون بريقا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire