العاشق المجنون
تكيفت هداية مع ظروفها النفسية والاجتماعية، بشكل لم يكن ليخفى على أحد، فلم تعد معاناتها شخصية.! بل انتقلت المعاناة إلى عاشقها المحبوب فيصل ، الذي وقف إلى جانبها يواسيها، ويشجّعها عشقا فيها، وفي أخلاقها ومواقفها الجادة والصارمة، فأصبحت جزء منه، إذ لايمر يوم من غير رؤيتها أو سماعها، سواء عبر رنات الهاتف ، أو عبر الوسائل الأخرى التي تمتلكها هداية دون إزعاج لها، إلاّ وكان يوما من أيامه التي لا تعد ولا تحصى
فيصل شخص وسيم خلوق متأدب، يحب الدنيا، ويهوى الحياة، ولا ينسى الدار الآخرة، لقد أقبلت عليه هداية في البداية كامرأة معجبة بشخصه ومكانته، عاشقة لجماله ونبل أخلاقه، متطلعة لكسب ودّه، والفوز بقلبه المرهف الحساس المليئ بالمشاعر الفياضة والشهامة التي لا نظير لها، فكان رجلا، ونعم الرجل هو، عشقته بنبل وصدق، صارحته بحبها، أغدقت عليه بحنانها وعطفها وجمالها ومكرها في آن واحد، أسكنته فردوس ممتلكاتها، وحمته في قلبها ، كرجل ورفيق لحياتها، عبر كلمات كانت تهمس بها في أذنيه، وقد صارحت أيّاه بعلو مكانته ، و جعلته سكنا سكنته، وأخفته عزيزا مبجّلا في سويداء قلبها المفعم بالحر والتقدير، وأقفلت عليه سجينا من غير سجّان، ومحبوس من غير اتهام، كطائر مهاجر تأخر في الهجر مع رفاقه إلى أرض بعيدة، لكنه ألفها واعتاد عليها، ليواصل الحياة البيولوجية فيها، حيث التكاثر، لكنه شعر وكأنه حرم منها ليبقى أسيرا لمحبوبته، التي وعدته بكلام عذب زلال يتلألأ كان يخرج من فمها، ساطعا بين شفتيها ذات اللون الوردي الممزوج باللون الرمّاني، كقلعة عمرانية فينيقية مرمّمة حديثا، مدهونة بزيت طلاء نفيس النوع والتركيب، ليسطع منهالونه، كبريق أمل طلّ وبان ، مع شعاع شمس دافئة، ليتدثّر بها ذاك الإنسان الضعيف الباحث عن الدفء الطبيعيي في أحضان إله قادر كريم، لا يدفع ثمنه، إلا بشكر وطاعة لرب ومعبود واحد عظيم
لقد اصطدم فيصل بواقع حبّ مرّ، أشد مرارة من الحنظل، وأحر من حرارة الجمر، فالعاشق كان هو فيصل المدلّل، المحب الأسير لعشق امرأة أحبها لم تكن كغيرها من النساء، ودّا وعطفا، وقد كبر ودّه لها ليتحوّل إلى عشق متيم ، ثم إلى عذاب دائم، فهو الآن بدأ يعاني من جفاء حبيبته، هداية المتزوجة من غيره أولا، و من قساوة مجتمع لا يعترف بعلاقات حب خارج الزواج، فصنّف فيصل نفسه في خانة العاشق المجنون ، حتى إشعار آخر
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire