تذكّرت
بعد فرح ونعيم ، ومتعة وجحيم ، وحياة مصطنعة في جنات النعيم، تذكرت أنها أم لأولاد، بنون وبنات، لم يكونوا بجانبها في الحالة التي هي عليها الآن، إنها تحبّهم، وتريد أن ترعاهم وتسهر على إسعادهم وحمايتهم، وتحرص على أن يكبروا بالقرب منها، تراقب نموهم ، في غدو ورواح، بين شغب ودلال، ومداعبة وتأنيب ومشاركة كالكبار
جلست شاردة الذهن، تتأمل مصيرها وحالها ، في سكون وصمت مرعب مخيف، تحاور نفسها من داخلها، لعلها تجد تبريرا لضياع أبنائها فلذات كبدها، في أيد رجل ظالم متعجرف في نظرها، لا يستحق أن يحيا حياة عادية كغيره من الرجال، إنه الظلم و الجبروت هو، ومع ذلك كان الوصي والحامي لأبناء، ولدوا من رحمها ليعيشوا بعيدا عنها، لقد امتصوا ورضعوا حليب ثدييها، وفطموا على يدها، إنه قدرها
هداية اليوم تعيسة جدا ، ربما لدنو العطلة الشتوية منها، أو لأنها ستكون حبيسة الدار، فتكون خادمة أمينة لرمضان الذي من غير شك سيزيد في طلباته تجاه هداية، التي قد يقلّ خروجها ودخولها من وإلى البيت من غير سبب، فتكبر وتزداد معاناتها، ويزداد شوقها لرؤية وسماع وملاقاة حبيبها المتيم بحبها، إنه فيصل الذي سكن قلبها، وعذّبها، وربما تجافى عليها، لقد مزّق كيانها،لكنه جعل منها إمرأة عاشقة متيمة، ومعشوقة جذّابة، بكلمات كان يغازلها، إنها كلما ليست كالكلمات التي اعتادت على سماعها من لدن أزواجها السابقين، أو عشّاقها اللاحقين المتربصين بها في كل حين
هداية الآن تتصارع مع نفسها ومع حبّها وحبيبها ، بين مد وجزر،بين تقدّم وتأخّر، بين تردد واندفاع، إنها تنشد الحب والاستقرار، السكينة وراحة البال، وفوق كل ذلك، هي امرأة في حاجة إلى التّمتع والمتعة، قبل أن يذبل جمالها مع مرّ الأيام، وهنا عبّرت هداية بصوت مدوّ، وصرخت كأنثى مجروحة للدفاع عن صغارها، ليسمع كل من حولها، إلا رمضان الذي كان ينعم في راحة بال، فنام نوما عميقا، لم يتمكن من الاستيقاظ لصرختها المدويّة، فظل نائما كمن شرب دواء ليكمل الليل كله نائما
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire