lundi 17 décembre 2012

معذبة في واحة القهر 4/ يتبع

الليل قرّرت
رجعت من عمل شاق، واجهت في طريقها أناس طيبون، أناس سذّج،أناس لا عمل لهم، تعرضت لسهام  من كلمات مدويّة  كصواريخ عابرة،  سمعت كلمات ليست كالكلمات، منها الجارحة العميقة الجرح  الذي لايندمل أبدا، وكلمات طيّبة، طيبتها  تذيب الحجر  الصلب في مجرى نهر متدفق من أعالي جبال راسية
هداية هادئة الطبع والموقف، بعيدة عن الشبهة  والتصنّع، ناطقة الوسامة في المنظر،تعجب العاشق المدلّل، تنافس الملائكة في الطاعة،كان يومها  مكتمل  المهام والراحة، مثقل بالهموم والأوجاع والمسرات، وفوق كل ذلك كانت عرضة لسماع كلمات  وغمزات من عشّاق الظرف، والطريق من مختلف الأعمار والجهات
وصلت كعادتها لتجد من يتنظرها بفارغ الصبر  وشوق الملاقاة ، الذي عبّر عن قلقه بالكثير من الأهّات، إنه  رمضان رفيقها الذي  كان مستلق على فراش من خشب مكسو برداء أبيض، كأنه مكان لعرض جثة غير آيلة للإندثار، فزمأر كأسد شارف يبحث عن أنثاه وقد  ضاعت منه، بفعل مرور السنين وتداول الأيام
أما هي  هداية  فقد عبّرت عن حضورها كأنثى حيوان مفترس لم تجد ولم تمسك بصيدها اليوم كله، فباتت على طواها،ثم جلست بالقرب من رمضان تحدّثه عن الطريق ومصاعبه عن الكلمات الرنانة المدويّة التي سمعتها، عن التلويح بالإشارات اليدوية  التي رأتها من طرف السائقين الذين تجاوزتهم أو قابلتهم عند الذهاب و الأياب، والإزعاج أو الغيرة التي  تكون قد سبّبتها لهم وهي تقود السيارة الجميلة  الأنيقة في انسياب  رائع جميل ، كسائق خبير، يحسن القيادة و المناورة والتجاوزبأساليب ومهارات عالية
أما هو رمضان  فكان كطفل موعود بلعبة جديدة، كان يتنظر  اكتشافها لأول مرة، فلم يعبأ لأنوثتها، ولا  لجمالها، فهمّ بها راجيا متوسلا أن تعطف عليه بحنانها، وتغطّيه بدفئها، وتضمه إلى  صدرها كطفل غيورلم يفطم بعد، من أخيه في سن لا يتعدى الثالثة
بعد الترحاب وتناول قهوة المساء، ساد الصمت الرهيب إلا من بعض أصوات  نقيق الضفادع المنبعث  بالقرب من منزلها،  كان الهدوء مشجّعا على الاسترسال في أحلام يقظة عاشتها المسكينة في نظرها،  الجميلة في نظر عاشقها، المتقرّب منها بخطوات ثابتة، المتيّم بحبها ،الذي يتربص بها ليل نهار، طالبا ودّها ، وساعيا إلى امتلاك قلبها المرهف والمثقل بحب ولد ميتا، إذ لم يكن إلا  خدعة لها وعليها، ثم فكّرت مليا، ونظرت في جوف السماء لعلّها  ترى ربا كريما، يسمعها ويغفر لها ذنوبها، ويمحو خطيئتها، فاندعت مهرولة نحو هاتفها  الثابت قي ركن  من أركان البيت، بالقرب من المدفأة، لتنادي وتستجيب لدعوة حبيبها وعاشقها الولهان بحبها، المتتبع لخطواتها، بعد ما قررت في ليلتها هاته، أن تستجيب لدعوة حبيبها وعاشقها  فيصل، لكن التكنولوجيا تعطّلت، و لم تكن لتسايرها في مغامرتها، في ليل مضى  إلا ثلثه، فهاتف عاشقها فيصل  كان مغلقا، حيث عادت إلى رمضان  لتتفقد حالته الصحية كعادتها، ثم استسلمت لنوم عميق، لم تنعم به منذ مدة 
  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

النهضة

 النهضة عرفتها اوروبا في العصور الوسطى، وقد ادت إلى تغيير كبير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلى درجة أن العالم خرج من الظلامي...