samedi 3 septembre 2016

من الذاكرة غداة الاستقلال

أتذكر ذلك اليوم الذي حملت لوحا خشبيا مهيئا للكتابة عليه بالقلم المصنوع  من القصب والسماغ ، المستحضر من حرق صوف  الغنم وإضافة  قليل من الملح والماء مع الخلط والمزج  بينهم  من أجل إنتاج ما يسمى  دواية أو محبرية خاصة  للكتابة .. 
قلت  قمت باكرا  في ذلك واتجهت  إلى الجامع حاملا معي نصف دزينة  من بيض الدجاج وشيئ آخر  لآأتذكره بالضبط مع دعاء الجدة بالنجاح ، عند وصولي إلى  الجامع قبلت رأس الشيخ وجلست أمامه، لأنني لم أكن أعرف أين أجلس بالضبط، عندها  قال لي الشيخ، خذ لوحتك واذهب هناك،  وطلب من تلميذ كان على وشك حفظ القرأن أن يساعدني في محو اللوح بالماء والصلصال في المكان المخصص لذلك، لم يحضرن مصطلح المكان الان، وحرصت أنا على متابعتة العملية  حتى جفت اللوحة جيدا ، ثم قدمتها للشيخ  كي يخطط عليها  الحروف الهجائية  أ ب  ت ... ثم طلب مني أن اتبع تلك الخطوط وأحفظها بعد ذلك.
كانت أرضية  الجامع ترابية وأفرشته من الحلفاء والدوم ، وكان للشيخ سجادة صغيرة  من صوف ، يجلس عليها وهو يحمل عصا رقيقة  مأخوذة  من غصن زيتون  يستعملها الشيخ عند الحاجة  للفلاقة على الرجلين  أو جلد تلميذ  مشاغب  لايهتم بالحفظ أو يشوش على نظرائه  وقت الدوام ، كان الجامع  يجدد طلاءه  بمادة الجير الأبيض  أو البياضة  وهي مادة محلية ، تقوم  بهذه العملية نساء القرية في شكل تويزة.
كان الجامع نظرا للفقر الذي يعيشه السكان   ووضعه الترابي ،عرضة لتكاثر البرغوث  خاصة في فصل الصيف  وانتشار القمل بين خيوط حصير الحلفاء ووسط التلاميذ بطبيعة الحال.
 أتذكر كل ذلك ونحن  نتسابق في الحفظ ، ومن يمحي لوحه كل يوم مرتان،  في الصباح وبعد الزوال ، حتى أوشكت أن أحفظ كل القرآن إلا ربعه.
 كانت الدراسة تجمع بين جامع القرية  ومدرسة الجهة  في القرية المجاورة التي تبعد عن القرية بكذا كلمتر، حيث كان يتواجد  الكون أو المحتشد  الذي وضعه الاستعمار الفرنسي  لقمع الثورة والقضاء عليها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

النهضة

 النهضة عرفتها اوروبا في العصور الوسطى، وقد ادت إلى تغيير كبير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلى درجة أن العالم خرج من الظلامي...