كانت منزوية في ركن وحدها، بعيدة عن الأنظار كحيوان شارد فقد قوّته بعد نجاته من موت قريب، كاد أن يجعل منه غداء شهيا لمفترسين جيّاع، لا يرحمونه مهما توسل، فكان فراره الوسيلة الوحيدة للنجاة والحياة والحفاظ على النوع .
جلست الضائعة المسكينة، تواسي نفسها وتدّاوي جراحها غير المندملة بعدما اقترب منها وحاول أن يتعرف عليها بهدوء، لكنها أبت بصمت كان أبلغ من كلام جارح في مثل حالها، إصراره على إستنطاقها كان عبثا و كفى لتنفجر معبرة ، ما بين بكاء وعويل، وصراخ وأنين،وكأنها تهدي بكلام ليسمعْ قولهان وهي تردد الرجال معادن، والمعدن الذي عذبني ليس من أصل ترابي، ولا من أصل ناري، إنه معدن من كوكب آخر وعالم آخر، ليتراجع قليلا نحو الخلف، محاولا استنطاقها مرة أخرى، لكنها غضت عنه الطرف، وأمسكت بحجابها الممزّق إلا ثلثه، وكأنها تريد أن تقول له، ابتعد عني، بيننا حجاب وستار الحرمة، فمهما كان وضعي، فأنت واحد منهم، فمن أهانني وداس على كرامتي، ما هو إلا قدر، تجلى في صورة قد تشبهك، لكن لا أريد أن أصنّفك معهم.
ثم فرت نحو المجهول، أما هو فقد ثبت وتسمّر في مكانه حائرا أ ينتقم لها ؟ أم يحاول أن ينصفها؟ أم يبكي معها؟.
لكنها لم تمْهله حتى يتخّذ قراره ،فقد سافرت مع أول سيارة قادمة ، مجهولة الهويّة و العنوان والوظيفة، ربما تجد راحتها واستقرارها ، مع شيطان آخر في صورة بشر
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire