mercredi 18 mai 2016

هذا النكرة

جاء متكلما  كمن كان طول حياته أبكما ، كأنه يريد أن يعوض  مافاته من كلام ضاع منه،  ليقوله  تحت الأضواء الكاشفة ، فكان خطيبا بارعا،  يبيع الخطابة كما يبيع بترول بلاده،  حتى ارتقى إلى  أسمى الدرجات في فن الخطابة، كما ارتقى سعر بترول بلاده ليتجاوز سقف المائة دولار.
كان نرجسيا فاتنا ، أحب الحياة  وعاشها من فتوته إلى كهولته، شارك و تفاعل مع كل الإنقلابات التي قادها رجال من بلاده ، حسب واعتد منهم ومعهم، فكان البطل المغوار والخبير النادر لعصره.
أمسك بيده كل شيئ وتفاوض بطريقته ، فحجر على الصقور من جيشه ، ودجنهم  إلى  رتبة حمائم مطيعة،  لتكبر فراخها لاحقا وتصبح مهجنة ما  بين الصقر والحمامة. عرف كيف يتعامل مع الجميع ، ليطوعها تحت سلطته التي لم تكن لتسمح وتعترف إلا باسمه.
هذا النكرة  الذي أصبح معرفة ، بل علما،  بعدما قزم كل صوت معارض،  فرض نفسه كقديس منقذ لبلاده  أو هكذا شبه له ، تبرك به شعبه واعتبره هبه الله لبلاده.
صال وجال وتجبر،  ولم يخضع يوما للمساءلة ، فكان طاغية عصره،  عبث بالمؤسسات وعطل الكثير منها، وقرب  الناس إليه حسب مزاجه ، كافأ حسب الولاء له، وعاقب على قدر المعارضة له.
كان  في بلاده ، كبرق خاطف  للبصر، في سماء مظلمة ، تنذر بسقوط أوبئة مبيدة لشعبه،  وثروات بلاده، ومع ذلك ظل قاعدا يتنفس نرجسية،  كأنه الوحيد الذي كتب له أن يحكم شعبه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

النهضة

 النهضة عرفتها اوروبا في العصور الوسطى، وقد ادت إلى تغيير كبير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلى درجة أن العالم خرج من الظلامي...