عنوان المقال هو حديث للرسول صل الله عليه وسلم، أردت أن أفتح به مقالي، ليتصدر بداية لحادثة أو واقعة ، أردت أن أشير إليها هنا، وهي أنه خلال ثورة التحرير الجزائرية المجيدة، وإبان المعارك الطاحنة المتعددة التي خاضها المجاهدون البواسل، عبر الجبال والوديان والأحراش والصحاري، كثيرا ما يستشهد أو يجرح أو يتم القبض على أحد أو مجموعة من المجاهدين، فيتم استنطاقهم بعد تعذّيبهم، لمحاولة انتزاع الاعترافات منهم، فيقتل الكثير منهم دون محاكمة، سوى لأظهار الرّعب والخوف أمام باقي المجاهدين الأسرى من أجل مواصلة أخذ الاعترافات حول تركّز باقي المجاهدين ورجاّلات الثورة ومخططاتهم الجهادية، ضد العدو الاستعماري الهمجي أولا، وانتقاما من الثورة والثوار ثانيا.
وهنا يحكي أويروى أن أحد المجاهين الشّجعان من قادة جيش التحرير الوطني، فيقول: أنه أسر وتم ربطه لهيكل مدرّعة حربية فرنسية، ليعدم بعد حين وينتهي أمره،لولا أنه لكلّ أجل كتّاب.
فقد ظلّ مقيّدا في انتظار وصول الضابط الذي قد يأمر بإعدامه حينا، وعند وصول الضابط المكلف بالعملية، بدأ في مساءلة المجاهد الأسير، دون الإستعانة بمترجم حول أسباب الثورة والغاية منها، ولماذا انخرط فيها؟ مع أنه مثقّف ومن عائلة ثرية وميسورة الحال، ومن وجّاهة القوم، فكان رد المجاهد الجزائري الأسير، بلغة العدو وهي الفرنسية طبعا ، بطريقة سليمة من الأخطاء، بل كانت لغة بليغة أبهرت الضابط الفرنسي، حينها قال هذا الضابط الفرنسي:
أنا لا أعدم رجلا يتقن اللغة الفرنسية، ليس حبا في المجاهد أو عطفا عليه، لكن حفاظا على اللسان الفرنسي الذي يملكه هذا المجاهد الجزائري الأسير، وهي عبرة لمفهوم الوطن والوطنية، وحكمة ربانية ذكرها القرآن الكريم في محكم التنزيل، أن لكل أجل كتاب، وإلى الله المثوى والمآب.
أنا لا أعدم رجلا يتقن اللغة الفرنسية، ليس حبا في المجاهد أو عطفا عليه، لكن حفاظا على اللسان الفرنسي الذي يملكه هذا المجاهد الجزائري الأسير، وهي عبرة لمفهوم الوطن والوطنية، وحكمة ربانية ذكرها القرآن الكريم في محكم التنزيل، أن لكل أجل كتاب، وإلى الله المثوى والمآب.
أما المجاهد فقد عاش بعد الاستقلال، وعمّر طويلا إلى أن أصبح ضابطا ساميا في الجيش الوطني الشعبي، وشارك في الحرب العربية سنة 1967 ضد العدو الإسرائيلي، إلى أن توفي على فراش الموت، كبعير شارف، وورّي الثرى، في قرية شهدت موته مرتين.