كان ضابطا ثم مديرا ثم مستشارا ثم وزيرا، ثم لا شيئ
إلتقيت به في مناسبة خاصة جدا، بعدما حيّاني وبادلته التحية،حيث تعارفنا عن قرب،فعرّفته بنفسي أولا، ثم عرفني هو عن مساره المهني وتدرّجه في مناصب المسؤولية، وفي دواليب الحكم والسلطة
كان ساخطا كافرا بالوضع السائد في الجزائر، يظن نفسه أنه من غيره هو ، سوف تتوقف الحياة والنظام
اهتمامي به وتقديري له، جعله يقترب مني أكثر ويظن في نفسه هو، أنّني صديق جديد له، قد اكتشفه حديثا
أما أنا، فلا أخفي عليكم ، فقد ظننت به بعض السوء، وإن بعض الظن لإثم
انتهت المناسبة التي جمعت بيننا من غير ميعاد، فهمّ كل واحد منا بالإنصراف إلى حيث أتى، إلّا هو، فقد آثر البقاء لبعض الوقت، طالبا مني التريث لبعض الشيئ ، وكأنه يريد أن يطلب شيئا
كان الحال مساء، والحركة نشيطة، وأبواق السيارات تدوي في فضاءات متزدحمة وملوّثة، تناشد السلامة المرورية، وتطالب بإحقاق العدل، وإيقاف الفوضى المقصودة، من سواق متهوّرين أنانيين، لا يريدون إلا الوصول إلا، إلى أهدافهم، فلا تهمّهم الوسيلة ولا الطريقة أبدا
انتظرته حتى اقترب مني، ثم قال لي: ألا تأتي معي في سيارتي الخاصة الأنيقة، ذات السائق المحترف، لأخذك إلى حيث هدفك،؟ وهي فرصة لنتعرف أكثر على بعضنا البعض، فاعتذرت منه بلطف ، وأخبرته أنني لم أعتاد على ركوب السيارات الفخمة، وأخاف أن أعتاد عليها، فتربيتي وثقافتي، علمتني أن الرفاهية قد لا تدوم، فاقترحت عليه أن يشاركني، ولو لأول مرّة، ركوب الحافلة العامة، حيث نتشرك أنا وأياه، في الزحام والدفع والركل بالأرجل، وفي شمّ الروائح المختلفة، واستنشاق الهواء الملوث، الذي اعتادت عليه رئاتي الإثنتين صباح مساء، خصوصا وأنه هو كذلك ربما مهيأ لتبوأ المكانة نفسها، هذه المكانة العامة البسيطة، التي يعيشها عامة الشعب، مادام السلطة قد ضاعت منه، فالمال الذي اكتنزه وحده، قد لايضمن له الجاه والسلطة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire