قال تقوم بتربيتها وتسهر على تعليمها حتى تكبر وتصبح امرأة ناضجة، فتقوم بتصديرها إلى بيئة بعيدة عن موقع نشأتها ومولدها، وتقبل هي ذلك عن طيب خاطر، وكأنها خلقت مهيئة لتقبل كل ذلك، فتترك الأسرة والأهل والجيران والبيت الذي كبرت بين جدرانه، لتنتقل إلى أسرة جديدة، لاتعرف طباعها وطريقة عيشها، لاتعرف بخلها ولا كرمها، يحدث كل هذا للبنت التي تزف كبضاعة رغم تعلمها واتقانها للعلم واللغات، ولا يحق لها أن تحتج أو تعارض، فكل المجتمع يعارض إذا لم تكن مطيعة لزوجها وأسرتها الجديدة.
حضرتني هذه الخاطرة بل بالأحرى هذه الفكرة التي هي فكرة لصديق رافقته في زيارة أولى لأخته التي زفت إلى زوج وبيت جديد يقع في منطقة جبلية ريفية، حيث المنعرجات والغابات وصعوبة الحياة.
في منطقة لم يألفها وهو ابن مدينة تربى وكبر فيها هو وشقيقته، التي قمنا بزيارتها، وكان متأثرا إلى حد كبير، الأمر الذي جعلني أهتم به وأحاول أن أغير له وجهة نظره في الموضوع كلية، إذ قلت له: إن الزمن والفطرة، تجعل من أختك وهي تتملك زوجا ثم أولادا مستقبلا سعيدة جدا، فعاطفة الأمومة، وتآلف قلبها مع الأسرة الجديدة ، وحبها لشريكها في الحياة، تصبح ترى هذه الجبال التي نحن نسير في طرقها، جنة أنت لن تراها أبدا.