جاء من القرية هاربا من الفقر والضياع وقلة الشيئ، يبحث عن عمل ليعيش ويستر حاله، لف المدينة كلها ، دواخلها شوارعها ،مساجدها ، حتى أنهكه التعب والجوع والإرهاق، فآوى إلى مكان هادئ في حديقتها العامة ، حيث المتسكعين والعاجزين من المسنين والمعوقين من الجنسين، وعابري السبيل، والمشردين، وبعض الشياطين من الإنس، حيث جلس متكئنا على كرسي خشبي ثابت ، تنبعث من تحتة رائحة صنين البول، لانعدام مكان قضاء الحاجات البيولوجية في الحديقة، ومع ذلك صبر ونام يقظا من شدة الإرهاق والخوف.
بعد ذلك واصل رحلته في البحث عن عمل ما ليعيش بشرف وكرامة، ومبيتا يستره وينام فيه، حتى اهتدى إلى مقهى صغير في حي شعبي بالمدينة، إذ رق قلب صاحب المحل لحاله، وشغله عنده كنادل مبتدء بديناترات معدودة، حيث يقوم بغسل الفناجن والكؤوس ويمسح الطاولات ويرتب الكراسي ويسهر على خدمة وإرضاء الزبائن طيلة يوم كامل دون توقف.
كانت هذه هي البداية لدخوله المدينة ومحاولة العيش فيها،أما صاحب المقهى فقد شغله ووضعه تحت الحراسة ليطمئن عن سيرته وشطارته كنادل في المقهى، فكان يعاملة كعبد ولا يراه كعامل أبدا، كان يراه عابر سبيل استقر عنده، وحرس على إيوائه مقابل عمل وأجر زهيد.
وما هي إلا أيام حتى طرده لأنه حاول أن يعرف ويطالب ببعض من حقوقه من حيث توقيت العمل و التأمين والتقاعد، لكن عند المعلم صاحب المحل ،الكلام في مثل هذه الحقوق يعد جريمة لاتغتفر، وهكذا أبعده ليبحث عن عابر سبيل آخر ليكونه عفوا ليستغله حتى يفطن ويرحل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire